ما بين ريان المغربي وفواز السوري أطفال العالم العربي بأكمله

ما بين ريان المغربي وفواز السوري أطفال العالم العربي بأكمله

اهتزت قلوب العالم العربي بأكمله طوال الأيام الأربعة الماضية إثر انتشار قصة الطفل المغربي ريان، ابن مدينة شفشاون المغربية، وسقوطه إلى عمق أكثر من 30 متراً ومحاولات إنقاذه التي تابعها العالم وابتهلت القلوب إلى الله تضرعا لعله ينجو ويعود للحياة لكن القدر على ما يبدو كان يحمل للقصة نهاية مختلفة، ربما كانت منطقية لحد كبير بسبب واقع الحادث نفسه والبعد الكبير الذي سقط الطفل عليه والبرودة الشديدة في هذا التوقيت من العام في المغرب التي كان يستحيل معها خروج الطفل حياً.

 في الوقت نفسه ظهرت على صفحات التواصل الاجتماعي قصة الطفل السوري فواز القطيفان الذي يبلغ من العمر ثمانية أعوام وشقيق وحيد لثلاثة أعوام تم اختطافه من نحو ثلاثة أشهر الآن، ومطالبة أسرته بفدية هائلة تبلغ 800 مليون ليرة سورية، فشلت أسرته في جمع نصفها حتى بعدما باعوا كل ممتلكاتهم تقريبا واستجدوا خاطفيه بقبول ما تمكنوا من جمعه، فما كان منهم إلا الرد بإرسال فيديو ضرب وتعذيب للطفل المسكين وهو عارٍ يستجديهم بعد ضربه بقوله "علشان الله ما تضربوني".

ما بين ريان وفواز ملايين الأطفال في عالمنا العربي بقصص مخيفة ودامية، ربما أكثر قسوة وبشاعة ونحن لا ندرى عنها شيئا، والأرقام تكشف ذلك ولا تحكي من تفاصيل المعاناة إلا القليل. 

هناك 25 ألف طفل فلسطيني مشرد، فإذا كان أغلبية أطفال الوطن العربي يعانون ضياع طفولتهم في العمل والفقر فأطفال فلسطين عاشوا طفولتهم بين دوي طلقات الرصاص وفقد الأهل والألم والخوف من المستقبل، حيث تؤكد الإحصائيات أن عدد الأطفال المشردين بفلسطين يبلغ قرابة 25 ألف طفل، منهم 365 ألف طفل يعانون أعراض الرعب المتمثلة في الأرق والذعر واضطرابات الطعام وغيرها، علما بأن الدراسات تشير إلى أن 52% من سكان قطاع غزة تحت سن 18 سنة.

 أما أطفال سوريا فحدث ولا حرج، فقد تحولوا إلى ضحايا وهم يتلمسون سنواتهم الأولى وتصبح عنواناً دائماً للحياة فهناك 7,3 مليون طفل تأثروا بالأوضاع الكارثية في سوريا منهم 1,7 مليون طفل لاجئ إلى جانب المعتقلين في سجون النظام الذين لا يمكن تقدير عددهم بشكل واضح، وتكشف التقارير الدولية كل يوم الضوء على مأساة دولية مكتملة الأركان، وقد تم توثيق حالات القتل لأكثر من عشرة آلاف آخرين نتيجة للقصف العشوائي ومنهم من قضى نحبه تعذيبا، أو  قنصا أو جوعا أو في مجزرة أو بالكيماوي والنتيجة واحدة.

في العراق عدد الأطفال المتأثرين بالصراع وصل إلى قرابة 2,7 مليون طفل تعرض منهم أكثر من 700 طفل للإصابة والقتل وحتى الإعدام.

في مصر وعلى الرغم من جهود الحكومة المصرية المضنية للارتفاع بالطبقات الفقرة إلا أن الأطفال هم أكثر فئات السكان عرضة للفقر، إذ بلغ عدد الأطفال تحت خط الفقر 2.9 مليون طفل، ثلاثة أرباعهم في الريف والربع المتبقي في الحضر الذي ترتفع فيه النسبة حيث يعيش طفل من كل عشرة أطفال في فقر. 

ولا يمكن تجاهل أزمة أطفال الشوارع وعمالتهم الذين يتراوح عددهم بين 200 ألف طفل ومليون طفل، وتحاول الحكومة المصرية بقانون العمل الجديد وضع نصوص حاكمة لتقنين عمالة الأطفال.

كل هذا يحدث في عالمنا العربي للأطفال على الرغم من المواثيق الدولية التي تحاول حماية حقوق الطفل، وعلى رأسها اتفاقية حقوق الطفل التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 1989 والتي تحاول توفير بيئة آمنة للأطفال، ولكن هل استطاعت حقاً فعل ذلك على الأرض؟ 

ربما كانت الأرقام غير قادرة عن التعبير عن المعاناة، مثل حالة واحدة تنتشر بالصوت والصورة وتتصدر الاهتمام العام مثل حالة الطفل ريان، وفواز، وايلان، والطفل الغارق على شواطئ المتوسط في الهجرة، تلك الصور التي ربما قد تحرك شيئا في الضمائر أكثر من المواثيق الدولية التي ربما أحيانا لا تتعدى كونها حبرا على ورق.

الأطفال رمز حقيقي للبراءة يقتله الواقع بشتى السبل تحت مسميات كثيرة، فهل يملك العالم حقاً شجاعة أن يدافع عن كل طفل وحقه في حياة آمنة وكريمة؟

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية